السلطة التنفيذية
التأسيس
بعد وصول الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين رحمه الله إلى عمان، وضع الخطط الكفيلة بتنظيم شرق الأردن وتوحيد أقسامها المختلفة تحت إدارة واحدة، فكلف سموه السيد رشيد طليع بمهمة إنشاء جهاز إداري منظم في المنطقة بحكم خبرته السابقة في الإدارة، وفي 11 نيسان 1921 صدرت الإرادة السنية بإسناد منصب رئيس مجلس المشاورين للسيد رشيد طليع وسمي الكاتب الإداري، وأطلق عليها آنذاك (حكومة الشرق العربي) لأنها ضمّت أعضاء من عدة دول كانت تغلب عليهم المشاعر العربية الوحدوية.
وفي ٢٧ نيسان قرر مجلس المشاورين أن يكون اسمه (الهيئة المركزية) وأصدر قانونا بين فيه اختصاص أعضائه، ويجعل رئيسه مسؤولا أمام الأمير ومرجعا للمشاورين جميعا، واتخذ مجلس المشاورين قرارا آخر بأن تتألف إمارة شرقي الأردن من ثلاثة ألوية: السلط والكرك وإربد، وأن يتولى شؤون الإدارة في كل لواء متصرف يكون له ما للولاة من السلطة. وقد نظم المجلس ميزانية عامة لمدة تسعة أشهر اعتبارا من شهر نيسان ١٩٢١.
وبتاريخ ١١ حزيران 1921 صدرت الإرادة السنية بتبديل لقب رئيس المستشارين بلقب رئيس مجلس الوكلاء، وتم تكليف مظهر ارسلان في منتصف شهر آب 1921 بتشكيل الحكومة الثالثة في تاريخ الأردن بعد أن أبدل عنوان المجلس فصار يسمى (مجلس المستشارين). ثم تشكلت الوزارة الرابعة برئاسة علي رضا الركابي بتاريخ 10 آذار 1922، ووجه الأمير خطاب تكليف للرئيس الجديد، ويعد أول خطاب تكليف في إمارة شرقي الأردن، وتشكلت بتاريخ 1 شباط 1923 الوزارة الخامسة في تاريخ الدولة الأردنية برئاسة مظهر ارسلان والذي جاء رئيسا للمستشارين، وتم في عهد هذه الوزارة إعلان اعتراف الحكومة البريطانية رسميا باستقلال الإمارة الأردنية وذلك يوم 25 أيار 1923 والذي أصبح منذ ذلك التاريخ (يوم الاستقلال)، وأعيد تنظيم المناطق الإدارية بحيث أصبحت الإمارة تتألف من 6 مقاطعات هي: عمان، الكرك، مأدبا، السلط، جرش، إربد.
جاءت حكومة حسن خالد أبو الهدى الأولى تحت اسم مجلس النظار وألف الركابي وزارته الثانية والتي استمرت حتى23 حزيران 1926 وكان من أهم المصاعب التي واجهت هذه الحكومة، رد الاعتداء الوهابي على المنطقة بتاريخ 14 آب 1924، وبتاريخ ٢٦ حزيران ١٩٢٦ ألَّفَ حسن خالد أبو الهدى حكومته الثانية والتي استمرت حتى 17 تشرين أول 1929وقد جاء في بيانها: إنها ستصرف عنايتها الخاصة لتأسيس مجلس تشريعي يمثل طبقات الشعب كافة، فيشرف على التشريع ويعاون الحكومة في الأمور الداخلية في اختصاصه الذي سيعينه الدستور.
وبتاريخ ١٩ نيسان ١٩٢٨ نشر القانون الأساسي لشرق الأردن، ثم قانون الانتخاب الأول الذي انتخب على أساسه أعضاء المجلس التشريعي الأول، واجتمع للنظر في المعاهدة البريطانية وإقرارها بتاريخ ٢ نيسان ١٩٢٩، وقد استمر درسها ومناقشتها مدة شهرين، صُدقت بتاريخ ٤ حزيران ١٩٢٩.
بتاريخ ٢٢ شباط ١٩٣١ ألف الشيخ عبدالله سراج حكومته الأولى، تلاها حكومة إبراهيم هاشم الأولى، التي أجريت في عهدها انتخابات المجلس التشريعي الثالث، والرابع. ثم تشكلت حكومة توفيق أبو الهدى الأولى في 28 أيلول 1938 وشارك رئيسها في مؤتمر فلسطين الذي عقد في لندن في أوائل سنة 1939، وأثناء إقامته في لندن قام بمفاوضات مع الحكومة البريطانية تمخضت عن تعديل المعاهدة مع بريطانيا لمصلحة الأردن. وفي 5 أب 1939 صدر تعديل للقانون الأساسي (الاسم السابق للدستور) نص على تعديل اسم (المجلس التنفيذي) إلى اسم (مجلس الوزراء)، ونصت التعديلات على أن يعين الأمير عبد الله ممثلين قنصليين في بعض البلدان العربية المجاورة.
تألف في عهد إمارة شرق الأردن 18 وزارة، وبتاريخ 25 أيار عام 1946 تمت المفاوضات على إنهاء الانتداب البريطاني والاعتراف باستقلال شرق الأردن وتسمية الإمارة بالمملكة الأردنية الهاشمية. وشكل سمير الرفاعي الوزارة التاسعة عشر وهي أول وزارة في عهد الملك المؤسس بتاريخ 4 شباط 1947 بعد الاعتراف بالمملكة الأردنية الهاشمية وشكلت ستة وزارات في عهد الملك عبد الله الأول بن الحسين. وقد أسهمت جهود هذه الحكومات بإرساء قواعد الدولة الأردنية الحديثة بمؤسساتها وسلطاتها الحكومية والبرلمانية والقضائية، إضافة لتحقيق الاستقلال الناجز.
استشهد الملك المؤسس في يوم 20 تموز عام 1951، وعلى أثر ذلك صدر قرار عن مجلس الوزراء بتعيين الأمير نايف وصياً على العرش أثناء غياب شقيقة ولي العهد الأمير طلال وقدمت الوزارة استقالتها يوم 25 تموز عام 1951. وتألفت وزارة توفيق أبو الهدى في عهد سمو الأمير نايف الوصي على العرش بتاريخ 25 تموز 1951. وفي 3 أيلول 1951 نودي بالأمير طلال ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، وشكلت أول وزارة في عهده بتاريخ 8 أيلول 1951 وألف توفيق أبو الهدى الوزارة الأولى في عهده وقد ألّف في عهد الملك طلال وزارتين.
كان الملك طلال رحمه الله محبا لشعبه وعلى علاقة وثيقة مع الجيش، فشرع في إكمال ما بناه والده، حيث وجه الحكومة آنذاك بأن تسعى إلى إكمال وضع دستور حديث للبلاد، ففي عام 1952 أنجز الدستور الأردني الذي يعد من أهم الدساتير في المنطقة ومن أكثرها حداثة، ووقع على إصداره وإقراره، ثم وجه حكومته لإقرار نظام التعليم المجاني والزامية التعليم، وأسس ديوان المحاسبة ووضع له تشريعا مهما يصون من خلاله المال العام، ومتّن العلاقات الخارجية مع العديد من الدول العربية رغم قصر مدّة حكمه، ووقع اتفاقية خاصة بالدفاع العربي المترابط، والتعاون الاقتصادي عام 1951.
البناء
وفي 11 آب 1952 قرر مجلس الأمة إنهاء ولاية الملك طلال رحمه الله وذلك لاستئناف العلاج، ونودي بالملك الحسين بن طلال ولي العهد آنذاك ملكاً على البلاد، وشكّل مجلس وصاية على العرش لأن جلالة الملك الحسين لم يبلغ السن الدستوري، وشكلت وزارة واحدة في عهد مجلس الوصاية على العرش بتاريخ 30 أيلول 1952، وفي 2 أيار 1953 تسلم جلالة الملك الحسين سلطاته الدستورية وشكلت أول وزارة في عهده بتاريخ 5 أيار 1953 برئاسة فوزي الملقي، وألف في عهد جلالة المغفور له الملك الحسين (57) وزارة حتى وفاته بتاريخ 7 شباط 1999.
قدمت الحكومات التي تشكلت خلال فترة حكم الملك الحسين بن طلال نموذجا مهما في الحكم وممارسة السلطة، واستطاعت رغم الظروف الصعبة آنذاك، قيادة الدولة وجَهِدَت في بناء مؤسساتها. وقامت بتوجيه مباشر منه بالاهتمام بالقوات المسلحة وتطويرها وتحديثها، فتميزت بالاحتراف والانضباطية.
وكان بناء الأردن الحديث وإرساء دعائم نهضته الشاملة في جميع المناحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعمرانية هاجس هذه الحكومات، فشهدت المملكة حياة برلمانية مستمرة باستثناء سنوات قليلة أعقبت حرب حزيران عام 1967 واستمرت خلالها ممارسة الديمقراطية عن طريق إنشاء المجلس الوطني الاستشاري، ثم تهيأت الظروف عام 1989 لاستئناف الحياة البرلمانية. وهيأ قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية الذي اتخذه المغفور له جلالة الملك الحسين استجابة لرغبة الأشقاء العرب ورغبة منظمة التحرير الفلسطينية في الحادي والثلاثين من شهر تموز عام 1988 الظروف لاستئناف المسيرة الديمقراطية في المملكة. وباستئناف الحياة البرلمانية كانت العودة إلى الحياة الحزبية وزيادة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات المهنية والعمالية
وفي مجال حقوق الإنسان، عملت الحكومات الأردنية على صيانة هذه الحقوق حتى غدا الأردن نموذجا. وتوسعت قاعدة التعليم الإلزامي، إذ انتشرت المدارس في جميع مدن المملكة وقراها وبواديها وأريافها، وأصبح الأردن في طليعة الدول العربية على صعيد ارتفاع نسبة المتعلمين ومكافحة الأمية وتزامن ذلك مع إنشاء الجامعات وكليات المجتمع الحكومية والخاصة.
وشملت نهضة الأردن جميع المجالات الصحية والخدمات العامة والبنية التحتية والطرق والاتصالات والزراعة والصناعة وغيرها. وعلى الصعيد الدولي، تمكنت الحكومات الأردنية وبتوجيه من جلالته رحمه الله من إقامة شبكة من العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع عدد كبير من دول العالم وشعوبه. عملت الحكومات في عهد جلالة الملك الحسين رحمه الله في ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة في وسط عربي ملتهب، ألقى بظلاله على الأردن؛ ورغم ذلك بقيت القضية الفلسطينية المحور الرئيسي للسياسة الأردنية.
تشكلت الحكومات المتعاقبة من شخصيات امتلكت القدرات والكفاءات الإدارية والسياسية والدبلوماسية والأمنية التي مكنت البلاد من تجاوز الصعاب في مختلف الظروف، وأسست لحالة منهجية في الحكم وممارسة الإدارة الناجحة للموارد الاقتصادية رغم شحها، واستطاعت أن تبني نموذجا اقتصاديا تفاعل بحنكة مع النماذج الاقتصادية العالمية، فأنشأ القطاع العام الأردني وبالشراكة مع القطاع الخاص الأردني خلال هذه الفترة مشروعا وطنيا أسهم في تدعيم ركائز الدولة وحملها للعبور خلال هذا البحر المتلاطم الأمواج
بعد وفاة جلالة الملك الحسين رحمه الله تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية بتاريخ 7 شباط 1999 وشكلت أول وزارة في عهده برئاسة السيد عبد الرؤوف الروابدة بتاريخ 16/ 3/ 1999.
في عهد جلالةالملك عبدالله الثاني ابن الحسين استمرت الحكومات الأردنية وبتوجيه جلالته من خلال خطب العرش والتوجيهات المباشرة والأوراق النقاشيّة على تقديم الخدمات المختلفة حيث حققت الوزارات والمؤسسات الحكومية في عهده انجازات مهمة أسهمت في تعزيز مسيرة البناء والتطور في مختلف المجالات.
وقد كلف الملك عبدالله الثاني في عهده 13 رئيسا للوزراء بتشكيل 19 حكومة، تباينت في مدد عملها، وعدد وزرائها، والتعديلات التي شهدتها، لكنها بمجملها حملت خطابات الملك ونفّذت منها ما نفّذت، حيث جاءت خلال هذه الفترة العديد من الانجازات التي تمثلت في إنضاج العديد من التشريعات وبناء العديد من المؤسسات وتقديم تجربة مهمة في مسيرة الإصلاح والديمقراطية.
انطلقت الرؤية الإصلاحية للملك عبدالله الثاني من الإرادة الصلبة للتطوير وتعزيز الانجاز في جميع البرامج الوطنية، والتي هي نتاج إبداع للفكر القيادي الإنساني عند جلالته، فوضع رؤية واضحة للتعليم لجعل الأردن بوابة متقدمة في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ ولتمكين الطلبة من مواكبة الاحتياجات المحلية والدولية، وأسهمت توجيهاته في المجالات الصحية في توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل قطاعات أكبر من المواطنين، وإنشاء المستشفيات وتزويدها بالأجهزة الحديثة والمتطورة والكوادر المؤهلة.
وكشفت رؤيته في المجال الاقتصادي عن تطور العديد من القطاعات المهمة في هذا المجال، كالقطاع الزراعي، والتجاري، والصناعي، والسياحي، والاجتماعي، وأسهمت في تشجيع الاستثمار وتوسيع رقعة التنمية، واستحداث صناديق التنمية مثل الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية، وتأمين المناطق النائية بالخدمات اللازمة، وتوسيع مظلة التنمية الاقتصادية والاستغلال الأمثل للموارد لرفع المستوى المعيشي، وزيادة الاهتمام من قبل الحكومة في المناطق النائية ومحاولة إدماجها في خطط التنمية الاقتصادية.
دخل الأردن في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني مجال الصناعات الدفاعية من خلال مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير والمعروف بـ"كادبي" وذلك في عام 1999 كمؤسسة عسكرية مستقلة تحت مظلة القوات المسلحة الأردنية وتعنى بالبحث والتطوير لتوفير حلول مثلى في المجالات الدفاعية والتجارية للأردن بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط.
وساهمت الحكومات المتعاقبة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني في تعزيز دور الاستثمار المحلي والأجنبي، وتقديم كافة أشكال الدعم له؛ من خلال اتخاذ سياسات اقتصادية مبنية على نظام السوق المفتوحة، تأخذ بعين الاعتبار تسهيل الإجراءات وجلب الاستثمارات ذات القيمة المضافة، وتقديم حوافز مالية بأشكال متعددة؛ مثل: خفض معدلات الفائدة على القروض الإنتاجية، وتخفيض الأعباء الضريبية، ودعم إقامة الصناعات المحلية، إضافة إلى تسهيل الإجراءات وعدم تعقيدها؛ وذلك بهدف خفض تكاليف الإنتاج.
وقامت الحكومات بالبحث عن أسواق جديدة لتصريف المنتجات الأردنية، وعدم الاعتماد على الأسواق التقليدية فقط؛ وقامت بتعزيز دور الصناعات المحلية ودعمها، والعمل على تطوير متطلبات الجودة العالمية فيها، وتنويع مصادر الدخل.
وساهمت الحكومات المتعاقبة على تطوير قطاع التعليم حيث شهد الأردن تطوراً من حيث الكم والكيف للقطاعين العام والخاص والتعليم الجامعي وغطّت المدارس جميع مناطق المملكة. كما شهد الأردن تقدماً في المجالات والقطاعات الصناعية وشبكة الطرق والبنى التحتية، والحكومة الإلكترونية وتقديم الخدمات للمواطنين إلكترونياً مما يوفر عليهم الجهد.
استطاعت الحكومات الأردنية أن تهتدي بالأوراق النقاشية التي وضعها جلالة الملك عبدالله الثاني وركزت على مفاصل الدولة المختلفة وضرورة إرساء الديمقراطية والعدل والمساواة ومدنية الدولة والمواطنة، والتي أصبحت اليوم منطلقات لكل الحوارات، وأسفرت عن قيام كيانات سياسية هدفها خدمة المواطنين من خلال اللامركزية.
انطلقت الرؤية الإصلاحية للملك عبدالله الثاني من الإرادة الصلبة للتطوير وتعزيز الانجاز في جميع البرامج الوطنية، والتي هي نتاج إبداع للفكر القيادي الإنساني عند جلالته، فوضع رؤية واضحة للتعليم لجعل الأردن بوابة متقدمة في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ ولتمكين الطلبة من مواكبة الاحتياجات المحلية والدولية، وأسهمت توجيهاته في المجالات الصحية في توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل قطاعات أكبر من المواطنين، وإنشاء المستشفيات وتزويدها بالأجهزة الحديثة والمتطورة والكوادر المؤهلة.
ويعيش الأردن كباقي العالم تحت وقع جائحة كورونا، ورغم قلّة الإمكانات أحيانا إلا أن الحكومات استطاعت السيطرة على الوباء وتعزيز القطاعات الصحية وبناء المستشفيات الميدانية، وقد أشاد العالم بتجربة الأردن بمواجهة هذا الوباء.