تاريخ الهاشميين
تنتسب الأسرةُ الهاشمية إلى هاشم، جدّ النبي محمد صلّى الله عليه وسلم، من قبيلة قريش في مكة المكرمة. وآل هاشم هم أحفاد النبي محمّد من ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها وزوجِها الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، رابع الخلفاء الراشدين.
لقد احتفظ بنو هاشم بريادة السلالة القرشية، وظلّوا يمثِّلون طليعة المجتمع في الحجاز، بوصفهم صفوة أخلاقية وأهل الإدارة السياسية والاقتصادية، وحظوا بتقدير زوار البيت الحرام واحترامهم. وفي التاريخ الحديث، قاد الهاشميون ثورة العرب نحو بناء الدولة الموحَّدة، حيث شكّل إطلاق رصاصة الثورة العربية الكبرى عام 1916 الخطوة الأولى لنيل الاستقلال.
تأسيس الدولة
بعد وصول الأمير عبدالله الى عمّان قادماً من معان، شرع بإقامة نظام سياسي وحكم مركزي، وشدّد على تكريس المطلب العربي بضرورة الاستقلال وتأكيد استمرارية النهج الثوري العربي النهضوي، الذي جاءت به الثورة العربية، وكان عليه أن يواجه في سبيل ذلك الصعابَ والتحديات.
وخلال فترة حكم الأمير عبدالله بن الحسين، شهدت إمارة شرق الأردن إنجازات ومحطات مهمة في تاريخها، كان أبرزها تحقيق الاعتراف السياسي الدولي، وإصدار القانون الأساسي سنة 1928 -كأوّل دستور للإمارة- مع توقيع اتفاقية دولية هي المعاهدة الأردنية البريطانية، وإجراء الانتخابات لأول مجلس تشريعي أردني عام 1929، وتأسيس الجيش العربي ورعاية نشأته وتطوره.
وشملت الإنجازاتُ أيضاً، دعم حركة الاستقلاليين العرب باستقبالهم في عمّان، وإنشاء حزب الاستقلال، وفتح الآفاق السياسية أمام تطور الوعي السياسي الأردني، وتأسيس أحزاب سياسية وطنية، وتكريس هيبة الدولة وبناء مؤسساتها، وإعلان إمارة شرق الأردن مملكةً مستقلة في 25 أيار 1946، وتحقيق وحدة الضفتين كأول نموذج حقيقي لوحدةٍ عربية.
وفي يوم الجمعة 20 تموز 1951، استُشهد جلالة الملك عبدالله المؤسس، طيّب الله ثراه، على أرض القدس الطاهرة، ليتولّى سدةَ الحكم وليُّ عهده، جلالة الملك طلال، مواصلاً مسيرة البناء والحكم بنهج الخير والتطلّع إلى المستقبل.
بناء الدولة الأردنية الحديثة وتطوّرها
دستور 1952
أنجز جلالة الملك طلال بن عبدالله، خلال أقل من سنة هي فترة حكمه، الدستورَ الأردني لعام 1952، الذي جسّد آفاق التطور السياسي المرتكز على ضرورة مشاركة الشعب في صنع القرار من خلال العملية الديمقراطية الكاملة وإجراء انتخابات دورية لمجلس الأمة.
وأُقِرّ في عهد جلالته حقّ التعليم المجاني، وأُنجزت العديد من التشريعات، وسعى جلالته إلى توطيد العلاقات الأردنية مع السعودية وسوريا ومصر، ولكنّ مرضه حال دون استمراره في الحكم، فكان القرار الدستوري بتشكيل مجلس الوصاية في 11 آب 1952، ريثما يبلغ نجلُه الحسين السنَّ القانونية بموجب الدستور، وهو اليوم نفسه الذي بويع فيه الحسين ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية.
"الإنسان أغلى ما نملك"
في 2 أيار 1953، تولّى جلالة الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية في ظروف عربية ودولية حرجة ودقيقة، واستطاع جلالته خلال فترة حكمه أن يحقق أعلى مستويات النهوض المدنية والسياسية، وأن يكون الباني لأردن الاعتدال والوسطية، ويحقق أفضل نوعية حياة لشعبه، من حيث التطور في مستوى الخدمات والتعليم والتقدم العلمي، وأن يستمر الأردن في أداء دوره العربي والإقليمي بتكامل وتأثير.
وعلى مدى 47 عاماً من قيادة جلالته، شهد الأردن تقدماً ملموساً في جميع المجالات؛ بخاصة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ورفع جلالته شعار "الإنسان أغلى ما نملك" كركيزة أساسية في توجيه الخطط التنموية والتأكيد على ضرورة توزيع مكتسبات التنمية لتشمل كل المناطق وجميع فئات الشعب.
وفي مسيرة عطاءٍ لا تتوقف عند الهاشميين، حمل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الراية بتسلّمه سلطاته الدستورية في 7 شباط 1999.
تعزيز المسيرة
حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على تكريس الأردن دولةَ مؤسسات وقانون قائمة على العدل والمساواة والانفتاح، وتوفير فرص العيش الكريم، ومحاربة الفقر والبطالة، والعمل على تحقيق تنمية اقتصادية وسياسية واجتماعية، تنعكس آثارها إيجابياً على المواطنين ومستوى معيشتهم.
ويؤمن جلالة الملك أن الأردن يمضي قدُماً في مسيرة التقدم والتطور والازدهار، من خلال تحقيق الاعتدال والتوازن والانفتاح المدروس، ونبذ التطرف والعنف والانعزال، ومشاركة جميع مؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الأهلية والخاصة في عمليات البناء والتنمية، والانفتاح على اقتصاديات العالم.
وتركزت رؤى جلالته على إعداد وتهيئة البيئة المناسبة والبنى الأساسية لانطلاقةٍ تنموية حقيقية تنعكس آثارها الإيجابية على حياة المواطن، وإنجاز المراجعة الشاملة لجميع جوانب المسيرة الوطنية، وتحديد المشكلات التي تعيق هذه المسيرة، ووضع الخطط والبرامج التي تساعد على إيجاد الحلول لها بالعمل الدؤوب من أجل الأردن الحديث المبنيّ على ضمان مشاركة الجميع، والقائم على أسس الحرية والديمقراطية والتعددية والتسامح.
وركّزت الرؤية الملكية على ضرورة تعزيز المسيرة الديمقراطية، وتسريع وتيرة الإصلاحات المبنية على نموذج إصلاحي تطويري متدرّج، يقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية.
ووفقاً لهذه الرؤية، فإن عملية الإصلاح السياسي النابعة من الداخل، تُترجَم من خلال تمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرار عبر ممثّليهم المنتخَبين، وتعميق تجربة الحكومات البرلمانية.
ويرى جلالته أن النجاح في الوصول إلى الهدف النهائي للإصلاح، مرهونٌ بقيام جميع أطراف العملية الإصلاحية بمسؤولياتهم وأدوارهم والارتقاء بها، وبترسيخ القيم والممارسات الديمقراطية، وتعزيز الأعراف القائمة وتطوير الضروري منها، وبتحقيق مستويات النضج السياسي الضروري لإنجاز متطلبات كل محطة إصلاحية.
ويدعو جلالته الجميعَ لتحمُّل مسؤولياتهم في تبني القيم والممارسات الديمقراطية والاستمرار في تطويرها مستقبلاً، من خلال تجذيرها في المنظومة القيمية والتربوية والتشريعية عبر حملات التوعية والمناهج، وتمكين المؤسسات الوطنية المسؤولة عن صون هذه القيم والممارسات.
ويؤكد جلالته من خلال رؤيته، أن الأمن والديمقراطية والرفاهية هي دعائم المستقبل، ويعتمد كلٌّ منها على الآخر، فرغم أن التحديات الراهنة تمثل واقعاً استثنائياً ضاغطاً، إلّا أن الأردن ماضٍ بثقة على مسار التنمية السياسية الذي اختطّه وأراده لنفسه.
وبشأن علاقات الأردن العربية والإقليمية والدولية، يحرص جلالته على التواصل مع أشقائه العرب وقادة العالم وزعمائه، حيث ترتكز سياسة الأردن الخارجية على المواقف المبدئية والواضحة النابعة من التزامه التاريخي والقومي للدفاع عن مصالح الأمة العربية وخدمة قضاياها العادلة.