قطاع الثقافة

قطاع الثقافة

 التأسيس

كان الملك المؤسس عبدالله الأول راعيا للثقافة وحارسا للإبداع ومحفزا للشعراء، فانطلقت من مقره الأول في معان أولى أنوية لبنات المشروع الإبداعي الأردني، حيث صدرت جريدة "الحق يعلو" التي كانت تحمل الخطاب السياسي والثقافي لمشروع الدولة الحديث، وبعد وصوله إلى عمان ساهم الملك المؤسس من خلال مجلسه الأدبي في قيام حركة أدبية وثقافية في شرقي الأردن. وكان صالونه الثقافي ملتقًا للأدباء والمثقفين واحتضن عمالقة الأدب والثقافة والشعر في  الأردن والعالم العربي.

وإلى جانب نشاطه السياسي الذي استحوذ على معظم وقته، إلا أن الملك المؤسس لم يُغفل الجانب الثقافي، فاهتم بجميع القطاعات الثقافية وتابع ودعم العديد من المشاريع الإبداعية، وأصبح شرق الأردن محط أنظار المثقفين العرب، وبدأت عجلة الحركة الثقافية تدور، حيث تأسس أول مجمع علمي في البلاد في تموز 1923 برئاسة سعيد الكرمي، الذي عقد أولى جلساته في شهر أيلول من العام نفسه وحدد لنفسه أهدافا مهمة كان منها: إلقاء المحاضرات العامة في ندوة المجمع، وإنشاء مكتبة عامة، وإصدار مجلة شهرية تُنشر فيها أفكار أعضاء المجمع، ولتكون حلقة وصل بينه وبين دور الكتب والمجامع العلمية وأمهات المجلات.

وعلى صعيد الفن التشكيلي فقد بدأت حركة هذا الفن مع قدوم الفنان اللبناني عمر الأنسي عام 1922، وبعده ضياء الدين سليمان والذي أقام أول معرض فني له في فندق فيلادلفيا في عمان، وحظي التشكيليون برعاية خاصة من الملك المؤسس الذي اقتنى مجموعةٌ من أعمالهم في قصره، وهي رعايةٌ نادرةٌ في وقتها.

اهتم الملك المؤسس بالسينما، حيث تابع إنشاء أول  دار للسينما (سينما البتراء) والتي أنشئت في الأردن عام 1935، ثم سينما (الإمارة) التي أنشئت بعدها في مطلع الأربعينات، ودعمهما.

وعلى صعيد النشر اهتم الملك المؤسس بصناعة النشر منذ وصوله إلى معان حيث اهتم بجريدته "الحق يعلو" التي كان يعتبرها امتدادا لجريدة الثورة العربية "القبلة"، وكان ينشر من خلالها كل ما يريد، وبعد وصوله إلى عمان دعم تأسيس الصحف والنشر من خلال جلب أول مطبعة في عهد الإمارة إلى عمَّان عام 1922، ثم ظهرت مطبعة الحكومة العام في 1925، ثم ظهرت مطابع أخرى مهمة منها مطبعة الاستقلال العربي في العام 1932وساهمت في نشر ثقافة الطباعة التجارية،

في حين كان المسرح يسير بخطى ثابتة وواثقة، حيث كانت هنالك فئة من الكتاب الكبار الذي كتبوا للمسرح، ثم بدأت حركة المسرح كفعل من خلال المدارس والكنائس، فكانت الإشارات الأولى لعمل تمثيلي مدون عام 1918، وقبلها كانت أنشئت أول جمعية في الأردن تعني بالمسرح وشؤونه في العام 1914م وسميت "جمعية الناشئة الكاثوليكية العربية" وازدهرت الأعمال المسرحية على يد روكس بن زائد العزيزي ومحمد المحيسن وغيرهم، فقدم العزيزي الكثير من الأعمال المسرحية منها السموأل ( 1923) ، الرشيد والبرامكة (1924) ، وصلاح الدين الأيوبي ( 1924)،  وقدمت العروض المسرحية في عمان والسلط وعجلون منذ عام 1927 .

تأسست موسيقات القوات المسلحة الأردنية في العام 1921 مع بدايات تأسيس الجيش العربي وهذا يؤكد اهتمام الملك المؤسس بالموسيقى، ليتم بعدها تأسيس فرقة دار الإذاعة برام الله وفرقتين من موسيقى الجيش، فكانت هذه بمثابة بذور النهضة الموسيقية المقبلة وأسسها.

تميز تراث المملكة الأردنية الهاشمية بالعديد من الألوان الغنائية، التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بدورة حياة الإنسان الأردني منذ ولادته وحتى وفاته، إلا أن الموسيقى في شرقي الأردن بقيت تسير ببطء، رغم تمثيلها من بعض الموسيقيين الشرق أردنيين الذين كانوا آنذاك يبثون أغانيهم الشعبية من إذاعة القدس.

 البناء

 

تطورت الحركة الثقافية في المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبحت مشروع دولة ناجز، استحدثت له المؤسسات والدوائر ووضعت له التشريعات، ففي بداية الخمسينيات بدأ النشاط الفني التشكيلي حيث تم تشكيل ندوة الفن الأردنية، ورابطة رعاية الفنون والأدب في عمان، وندوة الرسم والنحت الأردنية، والمعهد الملكي الذي أسسته الأميرة  فخر النساء زيد في العام 1975 في عمان، و تأسيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين في  العام 1977، لتشهد مرحلة التسعينات تحولاً مهماً في مسيرة الحركة التشكيلية الأردنية.

 

 

وعلى صعيد السينما اعتبر فيلم (صراع في جرش) الذي تم إنجازه عام 1958 الخطوة الأولى على طريق تأسيس صناعة سينمائية في الأردن، فيما جاءت المحاولة الثانية عام 1962 مع الفيلم الروائي الثاني (وطني حبيبي) لعبد الله كعوش، وعمل غازي هواش على إنتاج فيلم مشترك أردني- تركي، وحقق المخرج المصري فاروق عجرمة فيلم (عاصفة على البتراء) كإنتاج أردني لبناني إيطالي مشترك تم فيه استغلال المناطق الأثرية كخلفية للفيلم، حتى جاءت أول مساهمة رسمية في سبيل خلق سينما أردنية عام 1965 بتأسيس دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الإعلام، ثم تأسيس النادي السينمائي الأردني عام 1979 والذي خلق حراك نقدي مهم في هذا المجال، وما شهدته مرحلة التسعينيات من عودة لعدد من المخرجين السينمائيين الدارسين في الخارج.

أنشئت مطبعة جمعية عمال المطابع في العام 1959 في شارع الملك الحسين، ثم تأسست بعد ذلك في الأردن دائرة المطبوعات والنشر في العام 1964 وكانت تتبع لوزارة الإعلام آنذاك، وكان النشر من أبرز نشاطاتها عندما بدأت كدائرة عامة، وظهرت جمعية المكتبات الأردنية في العام 1967 وتطور النشر بعد تأسيس وزارة للثقافة والشباب، ووزارة للثقافة والتراث القومي، إذ تراوح معدل النشر سنويا ضمّن مسار الدعم من 60-80 كتابا، و20-30 كتابا ضمن مسار النشر الكامل، من ضمنها منشورات الطفل. وأصدرت الوزارة منذ تأسيسها العديد من المجلات، فكانت مجلة أفكار أول هذه الإصدارات العام 1966، ثم مجلة وسام المخصصة للطفل في مطلع الثمانينيات، ومجلة صوت الجيل التي تعنى بالإبداع الشبابي في التسعينيات من القرن الماضي، ومجلة فنون التي تعنى بالفنون البصرية والأدائية والتشكيلية، ومجلة الفنون الشعبية التي تعنى بالتراث الأردني المادي وغير المادي، إضافة للعديد من المجلات التي توقفت عن الصدور.

ورغم ما سبق من حراك مهم وبدايات موفقة، إلا أن مرحلة التأسيس الحقيقي للمسرح الأردني كانت ما بين الأعوام 1960 و 1969 إذ اتصفت هذه المرحلة بالأكاديمية وكانت انطلاقاتها من مديرية رعاية الثقافة التابعة لوزارة الإعلام حينها، وتأسيس قسم المسرح ثم الحراك المسرحي في الجامعة الأردنية، بعد أن تأسست أول فرقة مسرحية حكومية هي أسرة المسرح الأردني التي استمر نشاطها من العام 1965 حتى العام 1977، وخَرّجت العديد من الأسماء المهمة في سماء الحركة المسرحية المحلية والعربية.

وعقدت أول ندوة للمهتمين بأمر المسرح في الأردن في العام 1978، بعدها شهدت الحركة المسرحية اهتماما واسعا من قبل جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، وظهرت عدة فرق مسرحية في ذلك الوقت منها: الفوانيس، وفرقة مسرح المسرح، ومختبر الرحالة، ومسرح الـ 60 كرسي، وفرقة مسرح الفن في إربد، ومختبر موال المسرحي، ومسرح الخيمة، وفرقة المسرح الشعبي، وظهرت مؤسسة نور الحسين كرافد هام في الإنتاج الفني بشكل عام والمسرحي بشكل خاص، مما أدى إلى ازدهارها في الثمانينيات والتسعينيات حيث أسست وزارة الثقافة مهرجان المسرح الأردني وعقدت دورته الأولى عام 1991، وأخذ المهرجان صبغته العربية منذ دورته التاسعة (2001) ، إضافة لمهرجان مسرح الشباب الأردني – عمون، الذي يعتبر امتدادًا لمهرجان مسرح الشباب الذي كانت تقيمه رابطة الفنانين سابقا بالتعاون مع وزارة الثقافة في دوراته الخمس الأولى حيث عقدت أول دورة له في عام 1992 وعقدت دورته العاشرة في العام 2004، ومهرجان مسرح الطفل وعقد دورته الأولى عام 1992، وعقدت دورته التاسعة عام 2012 بعد انقطاعه لعدة أعوام. حيث بنيت المسارح ودور السينما وعملت وزارة الثقافة على تقديم الدعم اللازم للمبدعين بشتى صنوف الإبداع.

تغيرت النظرة للموسيقى في عهد الحسين الباني رحمه الله فأنشأت الحكومة مؤسسات تدعم الحركة الموسيقية مثل دار الإذاعة والتلفزيون في عمان، ومعهد الموسيقى، وفرقة الرقص الشعبي، والمعهد الوطني للموسيقى، والأكاديمية الأردنية للموسيقى، ورابطة الموسيقيين التي أصبحت الآن نقابة الفنانين.ثم أسست رابطة الموسيقيين الأردنيين عام 1980 بدعم من الحكومة الأردنية للحركة الفنية والموسيقية، وتم إطلاق مهرجان الأغنية الأردنية في 1/9/2001. وأسهمت الفرق الفنية والموسيقية في رفع مستوى الذائقة الفنية ومن هذه الفرق: فرقة الإذاعة الأردنية، وفرقة الملكية الأردنية، وفرقة الفحيص، وفرقة الرمثا للفنون الشعبية، وفرقة معان للدبكة الشعبية، وفرقة إربد للموسيقى العربية، وغيرها من الفرق الأردنية والعربية والعالمية، كما ويساهم مهرجان جرش الدولي السنوي للثقافة والفنون والذي انطلق في دورته الأولى في العام 1981 في نشر الغناء الأردني من خلال الفرق المحلية والعالمية الأمر الذي طور نظرة المجتمع الأردني إلى الموسيقى والموسيقيين والغناء والمغنيين، فأصبحت نظرة احترام وتقدير.

نشطت الحركة الثقافية بعد أن تأسست لها مؤسسات خاصة وجمعيات ودور وروابط واتحادات وغيرها، إضافة للبنية التحتية التي شيدت خلال عمر الدولة الأردنية وأسهمت في احتضان الفعاليات الثقافية والفنية المختلفة ومنها: مركز الأمير الحسن الثقافي/ الكرك، مركز جرش الثقافي، مركز عجلون الثقافي، مركز إربد الثقافي، مركز الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي / معان، مركز الأميرة سلمى للطفولة/ الزرقاء، مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي/ الزرقاء، المركز الثقافي الملكي، والذي افتتح في عمان عام 1983. ومركز الحسين الثقافي التابع لأمانة عمّان الكبرى، إضافة لبيت عـرار الذي تم الاتفاق مع وزارة الثقافة بتاريخ 13/11/1994 لتولي مهام إدارته كدارة ثقافية.

أسهمت المهرجانات الفنية والثقافية في تنشيط الحراك الثقافي في الأردن، فعمدت وزارة الثقافة إلى دعمها وتعزيز حضورها، ومن هذه المهرجانات: مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي يقام سنوياً منذ عام 1980 وحتى الآن، مهرجان الفحيص، مهرجان الأغنية الوطنية، مهرجان السامر للثقافة والفنون والتراث، مهرجان عجلون الأول للشعر العربي، مهرجان الأزرق للثقافة و الفنون، مهرجان شبيب للثقافة والفنون، مهرجان الغناء الأردني، مهرجان مسرح الهواة، مهرجان الخالدية للشعر الشعبي والنبطي، ملتقى عمان الثقافي، مهرجان الإبداع الطفولي، مهرجان السلط للثقافة والفنون، مهرجان الزرقاء الثقافي، وغيرها من المهرجانات المهمة.

وفي قراءة سريعة لتطور الحركة الثقافية منذ تأسيس وزارة الثقافة والشباب وبعدها وزارة الثقافة والتراث القومي، ثم وزارة الثقافة،  نجد أن هذه المرحلة شهدت توسعاً في إقامة علاقات ثقافية وعقد اتفاقيات مع العديد من الدول العربية والأجنبية فتأسست رابطة الكتاب الأردنيين في العام 1974، وصدر أول نظام لجوائز الدولة التقديرية للآداب والفنون رقم 19 لسنة 1977، وعقد في عمان أول مؤتمر لوزراء الثقافة العرب العام 1976، وصدر عنه "بيان عمان" الثقافي الذي أصبح دستوراً شاملاً للحركة الثقافية العربية، ثم استمرت وزارة الثقافة والإعلام في أنشطتها، وصدر نظام مديرية المكتبات والوثائق الوطنية رقم 27 لسنة 1977 ملغياً نظام سنة 1975، وبعد مرحلة وزارة الثقافة والشباب، عادت دائرة الثقافة والفنون لترتبط مجدداً بوزارة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار لفترة قصيرة، امتدت من العام 1984 حتى العام 1988، وفي هذه الفترة باشر المركز الثقافي نشاطه عام 1983، لينتهي ذلك بتأسيس أول وزارة للثقافة في العام 1988، وعقد في عهدها الأيام الثقافية الأردنية الفلسطينية العام 1991، وعقدت الوزارة ندوات ثقافية ذات صلة بالثقافة الأردنية تحت اسم "ملتقى عمان الثقافي السنوي"، وعقد في عمان مؤتمر الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الثامن عشر للمرة الأولى في العام 1992، وانتُخب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين رئيساً للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، واحتضنت الوزارة مقره في عمان. وعقد اجتماع للفعاليات الثقافية في الأردن العام 1993، وأقيم أول مهرجان لأغنية الطفل العام 1993، وأقيم مهرجان الأغنية الأردنية الأول بمبادرة من رابطة الموسيقيين الأردنيين العام 1993. وأصبحت المكتبة الوطنية دائرة قائمة بذاتها، وصدر قانون حماية حق المؤلف رقم 22 لسنة 1992 وأسس متحف الحياة السياسية العام 1994، الذي يؤرخ لنشاط الدولة الأردنية، واتخذ من مبنى مجلس الأمة القديم مقراً له.

 الازدهار

ازدهرت الحركة الثقافية في الأردن وتطورت المؤسسات العاملة بهذا القطاع، وعلى رأسها وزارة الثقافة التي أخذت على عاتقها تطوير البنى التحتية والبنى الإدارية والتشريعية، إضافة لذلك تأسست العديد من المؤسسات الرديفة لوزارة الثقافة والتي تعنى بتطوير وتفعيل العديد من الحقول الثقافية، حيث ثم تأسيس الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عام 2003 كمحاولة جادة للنهوض بهذا القطاع، ليتوج العمل على صناعة السينما في مهرجان الأردن الدولي للأفلام الذي تقيمه وزارة الثقافة، ويعتبر وصول الفيلم الأردني "ذيب" الذي أنتج في العام 2014 إلى القائمة النهائية لترشيحات الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي في العام علامة فارقة في صناعة السينما الأردنية ومحفزا مهما لتطورها.

تطور في هذه الفترة مشروع النشر من خلال مشروع المدن الثقافية الذي انطلق العام 2007 فكانت المدن تنشر من 30-35 كتابا، وفي العام 2007 أطلقت الوزارة مشروع مكتبة الأسرة الأردنية، إذ يطبع في كل دورة حوالي 50 عنوانًا، وأن معدل ما تصدره الوزارة سنويا يبلغ 180 كتابا. وبعد توقف دام طويلا لعدد من المجلات منها فنون وصوت الجيل أعادت الوزارة إحياء هذه المجلات، إضافة لمتابعتها التوسع في النشر من خلال سلسلة فكر ومعرفة، وسلسلة الفلسفة للشباب، وسلسلة الكتاب الأول، وسلسلة سرد وشعر،  وسلسلة شغف.

في العام 2002 ، ترسخ العمل الثقافي باختيار عمّان عاصمة للثقافة العربية، واحتلت عمان المرتبة الأولى بين عواصم الثقافة العربية ثقافيا، وتم تنفيذ فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية في العام 2009، وتنفيذ فعاليات عمان عاصمة الثقافة الإسلامية في العام 2017.

وقدمت وزارة الثقافة تجربة مهمة تحت عنوان: مشروع المدن الثقافية الأردنية في العام 2007، بهدف تحقيق عدالة توزيع مكتسبات التنمية الثقافية وتعزيز تنمية الحراك الثقافي في مدينة الثقافة، والمساهمة في بناء البنية التحتية للثقافة في الأقاليم والمحافظات وتشجيع الإبداع والمبدعين وجاءت ضمن خطة (2006-2008) التي أُقرّت من مجلس الوزراء ورصد لها تمويلها اللازم، قياساً إلى موازنة وزارة الثقافة الضعيفة آنذاك؛ فاستمر المشروع حتى عام 2017 بعد أن شمل جميع محافظات الأردن، ونفذ هذا المشروع في مرحلته الأولى أكثر من (5000) خمسة آلاف فعالية ثقافية، وإصدار(400) أربعمائة كتاب جديد، وامتدت فعالياته على مساحة الوطن، ثم يعود في مرحلته الثانية من جديد على صعيد الألوية، وتتجسد أهمية المشروع في كونه الأول من نوعه في تاريخ الأردن، وفي الدول العربية.

وعلى صعيد التشريعات فقد أنجزت وزارة الثقافة تحديث تشريعاتها الخاصة بها من خلال إصدار قانون رعاية الثقافة وإصدار عدد من الأنظمة، والتعليمات ووضع الخطط التي أسهمت في رسم معالم طريق الحركة الإبداعية في الأردن.

تقدم وزارة الثقافة الدعم المالي واللوجستي للمئات من الجمعيات والهيئات الثقافية والفرق الفنية على مدار الأعوام السابقة، إذ بلغ عدد الجمعيات العاملة في الشأن الثقافي والتي تتبع لوزارة الثقافة أكثر من (700) تعمل بمختلف الشؤون الثقافية والإبداعية.

أنشأت الوزارة مديرية تدريب الفنون وعملت على تحديث برامجها إذ يتخرج منها كل عام قرابة (400) طالب في مختلف الفنون: الفن التشكيلي، الخزف، الموسيقى، الخط العربي، الفنون الأدائية... فضلاً عن الدورات الصيفية، وقامت بتنفيذ فعاليات مئوية الثورة العربية الكبرى في العام 2016، إضافة  لجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، التفرغ الثقافي الإبداعي الأردني، ومصادقة الأردن على العديد من الاتفاقيات في مجال التراث منها: اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي(2005) واتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي (2003) و الانضمام إلى برنامج ذاكرة العالم التابع لليونسكو وإدراج فن السامر الأردني على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية للعام 2018 وانجاز موسوعة التراث في محافظات: عجلون، البلقاء ، مأدبا، الكرك، الزرقاء، معان، فضلاً عن استكمال مشروع مكنز التراث، وتوثيق العديد من جوانب التراث الثقافي غير المادي.

ولا تدخر الوزارة جهدا في تعزيز العلاقات الثقافية مع العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية من خلال عقد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية مع أكثر من مئة دولة ومؤسسة إقليمية ودولية، والمشاركة في أعمال دورات المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة للدول الإسلامية، ودورات مؤتمر الوزراء المسئولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، والمشاركة في الورشات الإقليمية والأسابيع الثقافية والمعارض الدولية المتعددة، فضلاً عن عضوية الوزارة في العديد من اللجان الإقليمية والدولية منها: تحالف الحضارات المنبثق عن هيئة الأمم المتحدة و اللجنة الدائمة للثقافة العربية/ منظمة الالكسو، واللجنة الاستشارية لإدارة الثقافة في منظمة الالكسو ولجنة الخبراء فيها،  والمجلس الاستشاري للتنمية الثقافية في العالم الإسلامي، منظمة الايسيسكو، ولجنة التراث في العالم الإسلامي/منظمة الالكسو، وفريق العمل لمتابعة أهداف التنمية المستدامة/ إدارة الثقافة- جامعة الدول العربية.

وخلال الجائحة التي اجتاحت العالم مؤخرا قدمت وزارة الثقافة العديد من المشاريع الثقافية التي اعتبرت تفردا واضحا لها في مواجهة الجائحة حيث قدمت الدعم المالي المباشر لنقابة الفنانين واستفاد منه أكثر من 100 فنان، كما تم التعاون مع صندوق همة وطن/ حساب الخير، لتوفير دعم لنحو 600 من الكتّاب والفنانين الأردنيين، وأطلقت البوابة الالكترونية للحملة الوطنية لنشر التربية الإعلامية والمعلوماتية «ثقتنا» والمسابقة التفاعلية «صدّقني». إضافة إلى العمل على إنشاء مشروع نظام وطني للمعلومات الثقافيّة، ومشروع «مسرّعة الأعمال الثقافية» وإعادة إنشاء الفرقة الوطنية للفنون، ومأسسة مهرجان جرش للثقافة والفنون، وإحياء المجلات الثقافية ورقمنتها، وإطلاق منصة التدريب في مجالات الفنون والصناعات الثقافية (شغفي)، ومنصة الكتب المجانية (الكتبا). وتشجيع الصناعات الثقافية، وإطلاق موقع إلكتروني باسم «إبداع»، وإعادة مهرجان الأغنية الأردنية، والبدء بتنفيذ مشروع مدن الفنون والإبداع الذي يسعى لتطوير الحركة الفنية وحركة الإبداع والصناعات الثقافية في المحافظات، ويشتمل على إنشاء 11 مركزا لتدريب الفنون تحاكي معهد تدريب الفنون في عمان، وتطوير وإعادة هيكلة معهد الفنون وتحويله إلى معهد لتدريب الفنون ليستوعب حاليا نحو 1200 متدرب، كما سيتم العمل تحديث وعصرنة المكتبة الوطنية حتى تكون مرفقا عاما للذاكرة الوطنية الأردنية.